مذكرات دافيد اليعازار عن العبور المصرى

قال دافيد اليعازار رئيس الأركان الإسرائيلى خلال حرب 1973 عن العبور المصرى للقناة ( كانت اخطر الاشارات التى وصلتنا حينئذ ... هى التى أفادت ان المصريين بدءوا فى عمل ممرات فى السواتر الترابية السميكة ، باستخدام قوة دفع المياه عن طريق مضخات خاصة كانوا يستخدمونها تحت ستار كثيف من نيران المدفعية والمشاة ، كما بدءوا يسقطون معديات ومعدات عبور أمام رءوس الكبارى . وفعلا كانت تلك الاشارة هى اخطر الإشارات لأنها تعنى ان أى تقدير للعمل العسكرى الذى تقوم به مصر وسوريا اصبح تقديرا متأخرا.

فى هذا الوقت جن جنونا ، فأصدرنا أوامرنا بأن يكثف سلاحنا الجوى هجومه فى محاولة لمنع المصريين من عمل الممرات خلال السواتر ، وتعطيل إسقاط المعديات والكبارى . ولكن وسائل الدفاع الجوى المصرى المجهزة بصواريخ سام 6 أسقطت لنا خلال أربع دقائق خمس طائرات منها اثنتان طراز فانتوم وثلاث سكاى هوك).

ويستكمل ويقول " لقد كانت الإشارات تتوالى بشكل مذهل . كنا بقدر الإمكان نحاول المحافظة على هدوء أعصابنا واتزان تفكيرنا ، لكننا بعد وصول الأشارة رقم 22 التى أفادت أن المصريين تمكنوا من إنشاء عشرة كبارى ثقيلة وعشرة كبارى مشاة ، وأن الدبابات والعربات المجنزرة والمعدات الثقيلة بدأت فى العبور إلى الضفة الشرقية للقناة ، لم نستطع ان نتوازن بشكل دقيق أو نفكر فى أى شىء ، بل سيطر علينا الذهول المقرون بخيبة الأمل.

وأوشك النهار ـ نهار 6 أكتوبر ـ أن ينتهى دون ان نحقق هجوما مضادا ناجحا ومؤثرا ، نوقف به تدفق المعدات الثقيلة عبر الكبارى إلى الضفة الشرقية حيث توجد مواقع قواتنا . وكان معنى أن يأتى الليل ويسود الظلام ، أن تنتهى اى فعالية لسلاحنا الجوى فى الوقت الذى تستطيع فيه القوات المصرية تثبيت وتأمين هذه الكبارى.

إن الحقائق بدأت تتضح أمامنا شيئا فشيئا ، فالإشارات تؤكد أن أكثر من ثلاثين ألفا من الجنود المصريين أصبحوا يقاتلون فى الضفة الشرقية ، ومازالت المعدات الثقيلة تعبر الكبارى إلى الضفة الشرقية . إن التلاحم بين جنودنا والمصريين معناه أن يفقد سلاحنا الجوى فعاليته ، وأصبح مجموع ما سقط لنا من طائرات حتى الساعة العاشرة وعشر دقائق مساء يوم 6 أكتوبر هو 25 طائرة.

أصبح القتال يسير ضاريا شرسا . والدلائل كلها تشير إلى أننا نواجه خطة دقيقة ومحكمة لا نعرف مداها او أبعادها ، بعد أن أصبحنا امام واقعين جديدين تماما فى تاريخ الصراع العربى الإسرائيلى أديا إلى سقوط كل حساباتنا العسكرية والمقاييس التى بنينا عليها خططنا . وكان الواقع الأول أنه لم يعد هناك حاجز مائى يمنع تدفق المصريين إلى مواقع قواتنا فى الضفة الشرقية للقناة . والواقع الثانى أن حصون خط بارليف المنيعة لم تعد لها فعالية ، ولم تعد هى الخط الدفاعى المأمون بعد أن سقط معظمها .. لقد بدأت بالفعل مواجهة حقيقية بين القوات المصرية وقوات الجيش الإسرائيلى ... لقد كان ما يحدث بالفعل كارثة حقيقية " ـ مذكرات دافيد اليعازار

مواقع التواصل الاجتماعي